تفعيل عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص كآلية لتحفيز الاستثمار: دراسة مقارنة

علال فالي

القانون الخاص - كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعيةأكدال - جامعة محمد الخامس الرباط

الملخص

مرت العلاقة بين القطاعين العام والخاص بثلاث مراحل أساسية، بدأت الأولى بموجات الخوصصة التي همت العديد من القطاعات والأنشطة والمؤسسات العمومية والتي تم بموجبها نقل ملكية هذه الأخيرة بشكل نهائي إلى القطاع الخاص، ثم تميزت الثانية بالتخفيف من حدة الخوصصة عن طريق اللجوء بالأساس إلى عقود الامتياز وشركات الاقتصاد المختلط وعقود التدبير المفوض، في حين بدأت المرحلة الثالثة بظهور ما يسمى بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص التي تستهدف توفير خدمات وبنيات تحتية اقتصادية واجتماعية وإدارية ذات جودة وبأقل تكلفة وتنمية نماذج جيدة لحكامة المرافق العمومية داخل الإدارات العمومية على أساس الفعالية. وهكذا انتقلت دور الدولة من الفاعل إلى دور المنظم المراقب ومن دور الدولة الخدماتية أو المقدمة للخدمات إلى الدولة الكافلة لها. وهكذا نظمت العديد من الدول الغربية والعربية حديثا هذه العقود باعتبارها آلية جديدة للتشارك والتعاقد وتحمل المسؤوليات وتقاسم المخاطر بين القطاعين العام والخاص، بحيث صدر في فرنسا المرسوم رقم 559/2004 سنة 2004 الذي تم تعديله سنتي 2008 و2009؛ وفي مصر صدر قانون تنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة رقم 67 لسنة 2010؛ وفي الكويت صدر قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص رقم 116 لسنة 2014؛ وفي الأردن صدر قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص رقم 31 لسنة 2014. أما في المغرب فقد تبلورت فكرة التعاقد على إنشاء شراكات بين القطاعين العام والخاص واقعا لأول مرة في العديد من المجالات قبل أن تخضع للتأطير القانوني بمقتضى القانون رقم 86.12 والمرسوم المطبق له. وبالنظر للخصوصيات والمميزات التي تؤطر هذه الآلية من آليات التعاون بين القطاعين العام والخاص، يمكن التساؤل من ناحية عن أهم المزايا أو المحفزات القانونية والاقتصادية والمالية والاجتماعية التي توفرها والتي من شأنها تشجيع القطاع الخاص على إبرام عقود الشراكة مع أشخاص القانون العام، وبالتالي الاستثمار في العديد من المجالات الحيوية وذات الأهمية في الدولة؛ ومن ناحية أخرى عن بعض مكامن الخلل والقصور أو النقائص التي تعتري التنظيم القانوني لهذه الآلية سواء في الكويت أو في المغرب أو في غيرهما من التشريعات العربية والأجنبية الأخرى، والتي لا زالت تجعل العديد من الشركاء الخواص اللجوء يترددون كثيرا في ركوب هذا النوع من المغامرات الاستثمارية الطويلة المدى والمحفوفة بالمخاطر. وللإجابة على هذه التساؤلات تم تقسيم هذا البحث إلى مبحثين، تم في الأول تناول دور بعض خصوصيات عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص على تشجيع الاستثمار، وفي الثاني تم التطرق لحدود هذه التقنية في ذلك ومساهمة بعض خصائص هذه العقود في التأثير على اختيارها من طرف المستثمرين الخواص.

الكلمات الدالة

الشراكة بين القطاعين العام والخاص، تحفيز الاستثمار، التعاون بين القطاع العام والقطاع الخاص